
بيت حانون، قطاع غزة -- لم يقف أحمد اليازجي ( 30 عاما ) مكتوف الأيدي أمام مشروع عمره الذي اختفى بين عشية وضحاها في حرب طالت كل شيء ، وفكر في خطة بديلة تتضمن حل ينتشله من هوية عاطل عن العمل الاضطرارية في انتظار الفرج القريب البعيد .
في بداية رحلة الشباب كرّس أحمد جهوده في الحصول على مبلغ من المال يبدأ به مشروع يعتاش منه ويوفر حاجاته الأساسية في الحياة الكريمة ، لاسيما وأنه كان يدرس في الجامعة وينوي الاعتماد على عرق جبينه لا على جيب أبيه ، فاتفق مع مجموعة من أصدقائه على عمل جمعية تلبي غرضه ، وبذلك افتتح محل لبيع الجوالات وبطاقات الشحن كوكيل معتمد من شركة جوال إلى جانب العطور والإكسسوارات، وعمد إلى تسديد فواتير عقد الإيجار الذي ينتهي في شهر مايو من العام القادم بالإذافة لأقساط الجمعية من عائد ربحه، وصعد السلم درجة درجة إلى أن أنهى تعليمه الجامعي وتزوج وأنشأ بيت وأنجب ثلاثة أبناء وأصبح المحل في أوج زينته من أجهزة كهربائية و ديكور باهر و بلاط ودهان ومكتب بما يرضى ذوقه الفني.
لم يتوقع أحمد أن مقولة دوام الحال من المحال ستحيل وضعه الذي تعود عليه وتعب عمره ومكان عمله إلى ركام في الحرب الأخيرة على قطاع غزة والتي دمرت المنطقة بكاملها عن بكرة أبيها في بلدته بيت حانون شمال القطاع، ولم يبق لمحل أحمد معالم أو اتجاهات تدل على مكانه الأصلي والذي بدوره أوقعه في مشاكل مع البلدية تتضمن تحديد الموقع بالتحديد في حال الرغبة في فتح محل آخر لئلا يبنى جزء منه في الشارع الذي فقد ملامحه أيضاً.
لم ينتظر طويلا وهو ينظر بعين الحسرة إلى مصدر دخله ولقمة عيش أبنائه ، وأيقن أن عليه البدء من الصفر من جديد فاهتدى إلى فكرة " الكارفان " الذي أصبح متداولا بعد الحرب كبديل مؤقت عن المحل الدائم مما اضطره إلى أن يتدبر أمره ويوفر ثمن شراءه البالغ 3000 شيكل. يطل هذا الكارفان على الركام من جميع الجهات بنفس مكان محله السابق مع أخد جزء من أرض جاره بعد أن نظفها من أكوام حجارة بيته. أما فيما يتعلق بإعادة تجهيز المحل فقد استصلح آلة تصوير كانت معطلة لديه واستخدمها مع جهازه المحمول في تعبئة بطاقات شحن الرصيد للجوال بالإضافة إلى تجديد مهمة بيع العطور وأشياء أبسط من سابقتها كخطوة بدائية .
عند سؤال أحمد عن حديث الساعة وهو موضوع إعادة الأعمار وإن كان تلقى أي مساعدات من أي جهة قال :" لم أرَ شيئا ملموساً وكل ما قدموه لي هو إحصاء الأضرار من قبل وزارة الاقتصاد الوطني ولم أتلق المساعدة من أي احد إطلاقا و لم يكن أمامي إلا خيارين إما النهوض بنفسي أو الجلوس في البيت منتظرا أن تنظر إلينا أي جهة بعين الرأفة وكان يتعين علي البدء من جديد لوحدي "
يتمنى أحمد أن تتخذ خطوات جدية في سبيل تعويض المنازل وأماكن العمل المدمرة والإسراع في إعادة الحياة إلى مجراها الاعتيادي ، وعدم تجاهل السكان الذين حظوا من الصبر الجانب الأكبر في حياتهم .
ناريمان حويحي
19 كانون الأول 2014
- إضافة تعليق جديد
- Email this page