You are here

ونحن نحب الحياة اذا ما استطعنا اليها سبيلا

بيت حانون، قطاع غزة -- نايلون وأخشاب لا تقي حراً ولا برداً عوضاً عن شبابيك البيت، مشهدٌ لا غرابةَ فيه لمن وجد نفسه محاصراً بين مياه الأمطار التي لا تلتمس عذراً، والحاجة إلى مأوى يتستر على أطفاله من برد الشتاء، هكذا برر إبراهيم البالغ من العمر 26 عاماً ديكور الشبابيك المستحدث في منطقته بعد الحرب الأخيرة على غزة.   
تحت تهديد الحرب التجأ إبراهيم إلى مدراس الإيواء طالباً منها الحماية له ولأسرته المكونة من بنت وولد وزوجة حامل تنتظر قدوم مولودتها في ظروف حرمتها طعم الفرحة التي كان من المفروض الإعداد لها، وقدر الله لها الولادة في الحرب لتجد الرضيعة نفسها تدخل المدرسة مبكراً في صف يحتوي على أكثر من 70 شخص نازح، فلم تجد لبكائها الطفولي فرصة ليعلو بين أصوات هذا العدد.
بعد أن تعبت الحرب وعادت إلى حيث أتت، رجع إبراهيم إلى بيته في بلدة بيت حانون شمال القطاع ليجده نصف بيت والبقية عبارة عن كومة أحجار دمرت أثاثهم وملابسهم وجهاز الحاسوب وغيرها، فاضطر وعائلته الصغيرة للعيش في منزل أخيه وعائلته المجاور له، والذي حظي بنصيب أقل من الدمار، ولكن طاقتهم لم تحتمل أن يكونوا عبئا على غيرهم أو أن يخترقوا جدران الخصوصية لأسرة أخيه. وبعد شهرين من الانتظار بين وعود إعادة الأعمار أو دخول أي مواد بناء، والحاجة المادية إلى إعادة تأهيل البيت قرروا أن يعودوا إلى بيتهم ويتعايشوا معه كما هو وبما تبقى لهم من أغراضهم المنزلية، خاصة وأن إبراهيم أصبح لديه بنتين وولد، ودخل يكاد لا يغطى مصروفهم بعد أن تخرج من كلية الهندسة ويأس من البحث عن عمل يمس تخصصه. بذلك لم يجد بين يديه إلا موهبة التخطيط لتسعفه من سؤال الحاجة، فعمد إلى استغلالها وعمل كخطاط بالرغم من أنه يجني عائد لا يذكر لكن هذا يظل أفضل من ألا يعمل على الإطلاق.
وعند الحديث عن قدرة العائلة على الحياة من اللاحياة واستثمار الطاقات المكتنزة من الصبر والإمكانيات شبه المعدومة قال إبراهيم "ما متنا من الحرب بدنا نموت من البرد هينا عايشين لحد ما ربنا يفرجها " ومازال يضع آماله في مشاريع إعادة الإعمار وتعويض المتضررين في الحرب، ويدعو أصحاب المسؤولية والإنسانية إلى إيجاد حل دائم وسريع يوفر لهم حياة طبيعية كريمة لان هذا الشعب يستحق الأفضل.

 نرمين حويحي

21 كانون الأول 2014